شهدت مصر خلال السنوات الخمس الماضية تحولاً كبيراً في سوق الهواتف الذكية، بعدما تمكنت من خفض فاتورة استيراد الهواتف من نحو 1.8 مليار دولار في عام 2020 إلى أقل من 165 مليون دولار فقط خلال العام الماضي، في واحدة من أبرز خطوات توطين الصناعات الإلكترونية في المنطقة. ويعكس هذا الانخفاض الحاد نجاح سياسات حكومية استهدفت تقليص الاعتماد على الواردات وتشجيع التصنيع المحلي.
وجاء هذا التحول نتيجة فرض تعريفة جمركية على الهواتف المستوردة، ما حفّز الشركات العالمية والإقليمية على نقل جزء من عملياتها الإنتاجية إلى مصر بدلاً من الاعتماد الكامل على الأجهزة المكتملة الواردة من الخارج. كما ساهم الانتقال من نظام الاعتمادات المستندية إلى مستندات التحصيل عام 2021 في ضبط الاستيراد وترشيد استخدام العملة الأجنبية، خاصة مع تراجع سعر صرف الجنيه الذي جعل الاستيراد أقل جدوى مقارنة بالإنتاج المحلي.
وأسهمت المبادرات الحكومية في جذب مصنّعين عالميين لافتتاح خطوط إنتاج وتجميع داخل البلاد، الأمر الذي ساعد في توفير جانب كبير من الطلب المحلي عبر مصانع محلية، رغم استمرار استيراد مكونات التصنيع التي تبقى تكلفتها أقل بكثير من استيراد الهواتف كاملة الصنع. وبالرغم من عدم توفر بيانات رسمية لقيمة واردات هذه المكونات، إلا أن المؤشرات تؤكد أن الاعتماد على الإنتاج المحلي أصبح الأساس في تلبية السوق.
هذا التحول انعكس اقتصادياً على أكثر من مستوى، حيث خفّض الضغط على ميزان المدفوعات بتقليل الطلب على الدولار المخصص للواردات، وساهم في خلق فرص عمل داخل الصناعات الإلكترونية وسلاسل التوريد المرتبطة بها. كما عزز من القيمة المضافة داخل السوق المصرية من خلال عمليات التجميع والفحص والتعبئة التي تتم محلياً، وفتح الباب أمام تحول مصر إلى مركز إقليمي لتجميع وتصدير الهواتف إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، بما يعزز توفر العملة الصعبة ويمنح الشركات فرصاً تنافسية أكبر. ويساعد التوسع في الإنتاج المحلي أيضاً في استقرار أسعار الهواتف داخل السوق، خاصة فئات الهواتف المتوسطة التي يعتمد عليها أغلب المستهلكين








































