القاهرة، سوق نيوز
– في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنظيم قطاع النقل الخفيف وإدماجه في الاقتصاد الرسمي، شهدت مصر مؤخراً انطلاق سيارة “باجاج كيوت” (Bajaj Qute)، التي يتم تجميعها محلياً، كبديل رسمي ومرخص لمركبات “التوك توك” غير المرخصة. لا يقتصر هذا التحول على الجانب التنظيمي فحسب، بل يحمل في طياته أبعاداً اقتصادية واجتماعية مهمة، تسعى إلى تحقيق مكاسب متعددة على مستوى الصناعة، وتكاليف التشغيل، والإيرادات الحكومية.
الأثر الاقتصادي: دعم الصناعة وتوفير الوقود
يمثل مشروع “كيوت” نموذجاً للشراكة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، حيث يتم تجميع السيارة محلياً بالتعاون بين شركة “باجاج أوتو” الهندية ووزارة الإنتاج الحربي المصرية [1]. يتركز الأثر الاقتصادي المباشر لهذا المشروع في ثلاثة محاور رئيسية. أولاً، التصنيع والتجميع المحلي، حيث توجد خطة طموحة للوصول بنسبة المكون المحلي إلى 100% تدريجياً [2]. هذا التوجه يدعم الصناعة الوطنية، ويوفر فرص عمل جديدة في قطاع تجميع السيارات وقطع الغيار، كما يساهم في توفير العملة الصعبة التي كانت تُستخدم لاستيراد مركبات التوك توك بالكامل [1]. ثانياً، خفض تكاليف التشغيل، إذ تتميز “كيوت” بكفاءة عالية في استهلاك الوقود، حيث تستهلك حوالي 1 لتر لكل 35 كم [3]. الأهم من ذلك، أنها تعمل بنظام الوقود المزدوج (بنزين وغاز طبيعي CNG)، مما يقلل بشكل كبير من تكاليف التشغيل اليومية للسائقين، خاصة مع التوسع في استخدام الغاز الطبيعي الأرخص، وينعكس هذا التوفير إيجاباً على دخل السائقين ويزيد من ربحية العمل [4]. ثالثاً، تنظيم السوق والإيرادات، حيث يتم ترخيص المركبة الجديدة رسمياً كـ “تاكسي” (سيارة أجرة)، مما يضمن إدخال هذا القطاع ضمن المنظومة الرسمية للدولة. هذا الترخيص يؤدي إلى تحصيل رسوم وضرائب مستحقة، مما يعزز إيرادات الدولة ويساهم في الاقتصاد الرسمي، بالإضافة إلى تنظيم الخدمة بتطبيق تعريفة ثابتة ولون موحد لكل حي [5].
الأثر الاجتماعي والتنظيمي: الأمان والحوافز
على الصعيد الاجتماعي والتنظيمي، توفر “كيوت” مستوى أمان أعلى بكثير من “التوك توك” لكونها سيارة مغلقة ومرخصة، مما يقلل من الحوادث والمخاطر المرتبطة بالمركبات غير المرخصة [5]. كما أن الترخيص يضمن توفر بيانات السائق والمركبة، مما يعزز الأمن العام والمساءلة.
تعتمد خطة الإحلال على مبدأ التدريج والطوعية، مع تقديم حوافز مالية لتشجيع السائقين على التحول. ففي محافظة الجيزة، على سبيل المثال، يتم تقديم تسهيلات سداد واسترداد مبلغ 11 ألف جنيه عند استبدال التوك توك القديم [5]. تهدف هذه البرامج إلى تحويل مصدر دخل السائقين من نشاط غير رسمي إلى نشاط رسمي ومنظم، مما يضمن لهم استدامة العمل ضمن إطار قانوني.
التحديات والآفاق المستقبلية
يظل التحدي الأكبر هو إقناع العدد الكبير من سائقي التوك توك بالتحول إلى “كيوت”، خاصة مع الفارق في السعر الذي يقارب 200 ألف جنيه للمركبة الجديدة [6]. نجاح الخطة يعتمد بشكل كبير على مدى التزام المحافظات بتطبيق تسهيلات الترخيص والسداد، ومدى فعالية برامج الإحلال.
في الختام، تمثل سيارة “باجاج كيوت” خطوة استراتيجية نحو تنظيم قطاع النقل الخفيف في مصر، مع تحقيق مكاسب اقتصادية تتمثل في دعم الصناعة المحلية، توفير الوقود، وزيادة الإيرادات الحكومية من خلال إدماج النشاط في الاقتصاد الرسمي.








































